الاثنين، يناير 09، 2012

استئنـــاف












أيُّ الحَكَايا لاتَجْلِبَ الألم ، ولاتزرَع في صُدُورِ المُنصِّتِين حقُول الأسئِلة ؟!
تلك التي تتعوشب في رُبُوعِ القلب حتَّى تَصِير ألغاماً تُفجِّرُ صاحبها،
وأيَّ نزعَةٍ للكِتَابةِ هذه،،! والتي دَعَتني لمِحْرابها في ساعةٍ مُتأخرة من الحُبِ المغلُولِ الأيدِي ،والمَشَنُوقِ قبل الشُروق.!
من الحنين المخضَّبِ بالصَّمتِ ،ومن الأرقِ الذي أنْجبَتهُ جِباه الإنتظار ،
للسَّيلِ فوق مُنحدرِ الكلام كنهرٍ حَجَبتْهُ الصُّخور وحرَّرته العاصِفة.!


لاحرّفَ يكفِي لأكتُّبكَ مرَّتين !
مرةً قبل أن أعجَزَ عن إيقافِ إيصَّالِ رسَائلِك ،
والتي تُمَرِّرُها إليَّ بهدوء من خلف شِّقِ قلبي المُوارب، لتجعله ُكثيراً مايتلعثم إحساسهُ أمامكَ، ويقعُ مَفتُوناً بغوايةَ صمتِكَ والجُنون.!
ومرةً بعد أن فاضَتْ حقائب شوقي بالرَّسائِلِ الغير مَعْنَّونَة ، ولا من مِبْراةٍ للحرفِ غير العتابِ الأبكم ،
حتى نزعت كل أصابعي المُتآكله وخبَّأتُها في جيّبِكْ كـ سَكاكِرِ العِيد،بعد أن نسجتُ لكَ من بقايا ملامِحِي إبتِسَّامةٌ وأُغْنِية!
بالمُناسبة؛ لماذا الأعياد لا تأتيني بك؟!
وأنا التي أُعلق على زِندها عناقيد لقاء أندلسيٌّ فاخِر ،
ثم أرتَدِي تاجي وحرارئري وشرائطي الحمراء ،
أُطلقُ في السَّماء مصابيحُ أُمنياتي علَّها تُرشدكَ إليّ،
يغارُ الليل من كُحلي الأسود فيكِيد بي، ليجْعَلنِي أنتَظِر دُون أن تأتي!
كم مرة حاولتُ كتم صوتي كيّ لايصلك ،إلاَّ أن نبض جُدرانك كان بمقاس ذبذباتي تماماً
أوَكَأنَّكَ من خلفِ حاجزِ المسافة تتلصصُّ عليّ كأُم تتفقد صغارها قبل أن يُعريّهم البرد؟!
عارية أنا دُونك، يسلخُ الغياب فراء صبري ثمَّ يعلق قلبي مصلوباً على جذوع النسيان،
ليشمتُ بي البرد والليل وتِشرين ،وَ وحدهُ المطر من يغفِر لي خَطِيئة الإنتِظَار ويُهدهدَ سَنَابِل أحلْامِي !
المَسَافةُ جُرحٌ ياصديقي والإغتِراب بحضرتِك جَرَيمَةٍ ، فمتى تكُّف عن إغتيالي بصمت، وبنبضٍ بارد دون أن تُدرك ذلك!

ومتى تعي أنَّ قلوبنا كفناجينِ القهوة لايُشربَ فيها الماء لكنهُ ليس بالمُستَحِيل؟!
قلوبنا أواني ، تُمتلئ، تُفرغ ، تُخدش ، تنَكِسر، تَحْترق ببقايا الأوجاع المُترسبة ، تَتَلوث،تَصدأ وتُرمى أحياناً.
شيئاً من رائحةِ الأمس ما زال ينخُر ذاكرتي ـ مازال يُثير زوابع الحنين في صدري ،
لا أنا مَلاكٌ ولا أنتَ نبيٌّ ولا حبُنا وحيٌّ مُنزَّلْ
فلماذا لانخُونْ؟ لماذا الحُب لا يخُون نفسه ؟
فالحُبَّ ياصَاحِبي يمرضُ ،يتأكسد أحياناً ،يجف أو يتبخر.!
أوَليسَ في النِّسيانِ خِيانة ؟!

حتَّى الوطن خائن!
يديهِ مُلطختينِ بالخطيئه ، يخونُ بإسم الله، والإنجيل والتوارة، ليُدرء عن عَراءِه العُريّ،
ولأنَّ في الثوَّراتِ عقيدة ، ولأنَّ في الحُرية موالاة للصُّمود ،
ولأنَّ الصوت لم يتفاقم إلا حين تحدَّثتِ الشَّوارعِ على لسانِ الفُقرَاء ،
وتعرّت الأرصِفة ِبالاطفالِ بائعيّ الجوارب ،والمتسولين، ومُبتاعيّ الفراغ.!
أفتى بأنَّهم كفَّار ومُغرضين، ولم يعلم بأنَّه هو من كَفَرَ في نِسيانِهم خلفَ جُحور مُظلمة مُكدَّسة بالطِّينِ والحِجَارة!
فصَار القتل سُنَّةٌ وعاَدَة ، والدَّمُ أُغنيةٌ يوميَّة تُغنيها أسِنّة الوطَّن دُون خَجَلْ و يَحتْسِي نخبهُ الأُمراء على موائدٍ تطفحُ بالخِيانة !
حتى النَّخيل في مَدِينتي طأطأ سعفهُ خجلاً، وصَارَ تمرُّهُ مُرَّا ..!

لا؛ أنتَ لاتُشبه وطني بل أجمل منه بكثير ،
ورغم ذلك أُحِبُّ وطني كثيراً وأُحِبُّكَ أنتَ أكثر,,
لكنكَ نَسِيتني كالوطَّن ، شردّتني على أرصفةِ الأمس أشتَّم عبقكَ،
وأبحث عنك حتى خلف آخِر زِرٌ في قميصِك الأعزَلْ،
تركتني أتسوَّل من الذكرى شيئاً من أُمنيات،وَ وبَّختَني كثيراً حينما طالبتُكَ بأن تُمطرني،حتَّى ضيَّعتني، وتشرَّبَت ملامحي بالكَثير من البُهوت والغرابة ،
ولاينالني منك بعد نيفٍ من نسيان سوى حفنة أسألة بنكهة الشكِّ ،ولسعةِ الشَّوك..!
وكأنَّكَ تركتني عُهدة في جيب القدر، تتفقدُني في كل مرةٍ تلفظُكَ الحياة بقُربي كمن يتفقد المُؤتَمِن أشياءه.بعد أن تُلقِنَّني نَفْياً آخراً بإسمِ الحُب .!


ها أنذا أتوقفُ عند مُنعطفِ ذاكرتي ،
أشتعل !
وأنشغل عنكَ بك،
أتأمَّلُكَ ، لأستأنِف َكتابتكَ في وقتٍ لاحِقْ..